• علاقة أنظمة النوم بالإنتاجية والنجاح.. هل من مشكلة في كونك “بومة ليل”؟!

    يدورُ معظم ما نعتقده عن النوم في فلك العبارة الشهيرة “الطيرُ المبكر يلتقط الدودة أولًا”، بالطبع اعتدنا العبارة حتى غدت شبه قانون يعزز لدينا شعورًا بخطبٍ ما إن كنّا من المخالفين لذلك.

    إن تمعنا قليلًا في هذه المقولة ستراود ذهننا تساؤلاتٌ كثيرةٌ من قبيل: هل سينخفض إنتاجي إن لم أكن من هذه الطيور المبكرة؟ ماذا لو أنّني لا أستطيع التركيز سوى ليلًا؟ كيف تحيا كائنات كالخفافيش والبوم وهي التيحياة الليل، وهنا أتحفظ بالكامل على ما بين قوسين؟ هل الليل للنوم فقط؟ ألم يُحي أولئك الشعراء والعلماء ليالٍ بطولها سحرتهم خلالها نجوم الليل، فتغنوا بها أو كانت هدفًا لدراساتهم، وغيرها الكثير.

    إيقاع الساعة البيولوجية

    انتقل بتساؤلك إلى مستوى آخر، أطرحه على الملأ، لمّح مجرد تلميح إلى أنّك كائنٌ ليلي. ستنهال عليك النصائح من كلِّ حدبٍ وصوبٍ، سيجمع الجميع على أنَّ الأمرَ برمته خطأٌ وهو خطؤك. سيسدي لك البعض نصائحًا من قبيل: اذهب إلى سريرك يوميًّا في الوقت ذاته، تجنّب الشاشات الرقمية مساءً، لا تجبر نفسك على الإغفاء، نعم الأمر بأكمله ملقى على عاتقك.

    ولكنّ الحقيقة هي أنَّ عدم قدرتك على النوم ليست بسببك دومًا، وأجرؤ على القول. تذكّر البومة التي نجحت عبر تاريخٍ طويل من وجودها على الأرض في البقاء، وحمت أعشاشها وصغارها من الدخلاء والمفترسين. خلاصة القول لقد نجحت كصنفٍ حيّ في البقاء، ولو كانت حياتها الليلية خطأً لأقصاها منطق الاصطفاء الطبيعي.

    إنّ للبومة الليلية ساعة داخلية تختلف تمامًا وظيفيًّا، ولإجبارها على الاستيقاظ المبكر آثارٌ خطيرة على حالتها الصحية. إنّنا إذ نقيّم جميع المخلوقات استنادًا إلى المقولة الشهيرة آنفة الذكر، كأننا نحكم على سمكةٍ في سباقٍ للجري أو الطيران.

    لإنهاء ذلك وللخروج من الإطار الذي أحاطتنا به هذه المقولة علينا أن ندرك أنَّ داخلَ كلّ كائنٍ حي ساعةٌ تحفظ نظامه وتُعرف بإيقاع الساعة البيولوجية Circadian Rhythm. وبالنسبة للبشر، تتوضع هذه الساعة في جزءٍ من دماغنا يُدعى الغدة النخامية Hypothalamus، وتُعرف بأنّها تنظم دورات نومنا، لكنّها تشتهر كذلك بمسؤوليتها عن مساعدة أعضاء الجسم الأساسية كالدماغ والقلب والرئتين للعمل بتناغم، ويختلف إيقاع الساعة البيولوجية من شخصٍ لآخر ومن نوع لآخر. فعلى سبيل المثال، تشعر البومة الليلية بالتعب في وقتٍ متأخر عن شعور نظيرتها الطيور التي تستيقظ باكرًا به، ويعود ذلك لإنتاجها كمياتٍ كبيرة من هرمون النوم، الميلاتونين، في وقتٍ متأخر من الليل.

    اقرأ أيضا:

    كيف تنجز في يوم واحد أكثر مما ينجزه معظم الأشخاص في أسبوع!
    هل نمط حياتنا الحديثة يشتّت التركيز؟ وكيف يمكن تجنب ذلك؟

    اختلاف أنظمة النوم… هل هو ظاهرة اجتماعية؟

    لِمَ لا ندع البومة وشأنها، ما الجديد حولها… وهي التي سبقتنا في الوجود على سطح البسيطة. ببساطة، لا تكمن المشكلة في البومة، فالبومة على ما يرام ما دمنا لا نحشر أنوفنا في أنظمتها، بل هي في أنظمتنا الحياتية كبشر، والتي استندت معظمها على نموذج الطائر المبكر، لقد جعل المجتمع من ذلك مشكلةً في العقود الأخيرة، إذ تشير الإحصائيات إلى أنّ يوم عمل الأمريكيين يتركز بين الساعة السادسة صباحًا والسادسة مساءً، ولدى سؤالهم عن تصنيفهم أنفسهم، سيجيب ثلثهم بأنَّهم كائناتليلية، ما يعني أنّهم سيكونون أعلى إنتاجيةً ليلًا من العمل بين الساعتين السابقتين. تُدعى هذه الظاهرة اختلاف التوقيت Jetlag، ويشبه ذلك اختلاف التوقيت الذي تشعر به بعد رحلةٍ جويةٍ لكنّه أسوأ، فهو لا يزول بعد عدّة أيام.

    يعني ذلك أنَّ معرفتك المكان الذي تقف فيه بالنسبة للنوم لن يحلّ المشكلة، أي أنّك لن تكون بمنأى عن اختلاف التوقيت، فلاختلاف التوقيت الاجتماعي آثاره على بومات الليل في العالم؛ لأنّه حتى لو حصلت على المقدار المناسب من النوم، فإنَّ عملَ ساعتك البيولوجية خارج السرب أمرٌ له عواقبه. فعلى سبيل المثال، لقد وجدت إحدى الدراسات أنَّ مقابل كلّ ساعة يخرج فيها إيقاع ساعتك البيولوجية عن السيطرة، تزداد مخاطر إصابتك بالبدانة بنسبة 33%، كما تزداد مخاطر تعقيدات صحية أُخرى ترافق البدانة، ولا تقف المشكلة عند حدودها الجسدية، ففي دراسةٍ أُخرى سُجِّلت أعراض اكتئاب حاد لدى الأشخاص الذين يسجلون فارقًا في إيقاع ساعتهم البيولوجية بمقدار ساعتين.

    ما هي الفئات العمرية التي يظهر لديها ذلك؟

    بالطبع لن نلحظ ذلك عند الأطفالالذين يغطون في نومٍ عميق معظم وقتهم في عامهم الأول، وسيفرض عليهم النظام المدرسي لاحقًا نمطًا معينًا مألوفًا من النوم والاستيقاظ، ولن نلحظه كذلك عند من تقدم بهم العمر، والذين تقل ساعات نومهم كثيرًا. سيبدو ذلك جليًّا لدى المراهقين والشباب، فقد حذّر مركز السيطرة على الأوبئة الأمريكي CDC من الآثار الجسيمة المترتبة على ذلك، حيثُ تبدأ معظم المدارس الحكومية في أمريكا يومها في وقتٍ مبكرٍ جدًا قبل 8:30 صباحًا، ما يعني وفقًا للمؤسسة غير الحكومية “Rand Corporation” تكلفة للبلاد أكثر من 9 مليارات دولار سنويًا سببها التدريس الذي لا طائل منه، والحوادث المرورية التي يسببها مراهقون متعبون يقودون سياراتهم.
    ذو صلة
    لحسن الحظ، هذا الإيقاع ليس بالأمر الجامد، فقد تبيّن أنَّ الإشارات الضوئية يمكن أن تحفزه حين يضرب الضوء أعيننا. لذا، عليك عندما تستيقظ أن تأخذ حمامًا صباحيًّا قوامه أشعة شمس الصباح، وإن كان ذلك بعيد المنال، تأكّد من الإضاءة الجيدة لمنزلك فقد يضفي ذلك مزيدًا من البهجة على صباحك حتى وإن كنت من أولئك الذين يستيقظون ليلًا، ولا تجعل من ذلك مصدرًا لمزيدٍ من القلق حول إنتاجيتك، فمعظم عباقرة هذا العالم كائناتٌ ليلية يغريها الليل بهدوئه ويحفزها على الإبداع.
    #علاقة #أنظمة #النوم #بالإنتاجية #والنجاح
    علاقة أنظمة النوم بالإنتاجية والنجاح.. هل من مشكلة في كونك “بومة ليل”؟!
    يدورُ معظم ما نعتقده عن النوم في فلك العبارة الشهيرة “الطيرُ المبكر يلتقط الدودة أولًا”، بالطبع اعتدنا العبارة حتى غدت شبه قانون يعزز لدينا شعورًا بخطبٍ ما إن كنّا من المخالفين لذلك. إن تمعنا قليلًا في هذه المقولة ستراود ذهننا تساؤلاتٌ كثيرةٌ من قبيل: هل سينخفض إنتاجي إن لم أكن من هذه الطيور المبكرة؟ ماذا لو أنّني لا أستطيع التركيز سوى ليلًا؟ كيف تحيا كائنات كالخفافيش والبوم وهي التيحياة الليل، وهنا أتحفظ بالكامل على ما بين قوسين؟ هل الليل للنوم فقط؟ ألم يُحي أولئك الشعراء والعلماء ليالٍ بطولها سحرتهم خلالها نجوم الليل، فتغنوا بها أو كانت هدفًا لدراساتهم، وغيرها الكثير. إيقاع الساعة البيولوجية انتقل بتساؤلك إلى مستوى آخر، أطرحه على الملأ، لمّح مجرد تلميح إلى أنّك كائنٌ ليلي. ستنهال عليك النصائح من كلِّ حدبٍ وصوبٍ، سيجمع الجميع على أنَّ الأمرَ برمته خطأٌ وهو خطؤك. سيسدي لك البعض نصائحًا من قبيل: اذهب إلى سريرك يوميًّا في الوقت ذاته، تجنّب الشاشات الرقمية مساءً، لا تجبر نفسك على الإغفاء، نعم الأمر بأكمله ملقى على عاتقك. ولكنّ الحقيقة هي أنَّ عدم قدرتك على النوم ليست بسببك دومًا، وأجرؤ على القول. تذكّر البومة التي نجحت عبر تاريخٍ طويل من وجودها على الأرض في البقاء، وحمت أعشاشها وصغارها من الدخلاء والمفترسين. خلاصة القول لقد نجحت كصنفٍ حيّ في البقاء، ولو كانت حياتها الليلية خطأً لأقصاها منطق الاصطفاء الطبيعي. إنّ للبومة الليلية ساعة داخلية تختلف تمامًا وظيفيًّا، ولإجبارها على الاستيقاظ المبكر آثارٌ خطيرة على حالتها الصحية. إنّنا إذ نقيّم جميع المخلوقات استنادًا إلى المقولة الشهيرة آنفة الذكر، كأننا نحكم على سمكةٍ في سباقٍ للجري أو الطيران. لإنهاء ذلك وللخروج من الإطار الذي أحاطتنا به هذه المقولة علينا أن ندرك أنَّ داخلَ كلّ كائنٍ حي ساعةٌ تحفظ نظامه وتُعرف بإيقاع الساعة البيولوجية Circadian Rhythm. وبالنسبة للبشر، تتوضع هذه الساعة في جزءٍ من دماغنا يُدعى الغدة النخامية Hypothalamus، وتُعرف بأنّها تنظم دورات نومنا، لكنّها تشتهر كذلك بمسؤوليتها عن مساعدة أعضاء الجسم الأساسية كالدماغ والقلب والرئتين للعمل بتناغم، ويختلف إيقاع الساعة البيولوجية من شخصٍ لآخر ومن نوع لآخر. فعلى سبيل المثال، تشعر البومة الليلية بالتعب في وقتٍ متأخر عن شعور نظيرتها الطيور التي تستيقظ باكرًا به، ويعود ذلك لإنتاجها كمياتٍ كبيرة من هرمون النوم، الميلاتونين، في وقتٍ متأخر من الليل. اقرأ أيضا: كيف تنجز في يوم واحد أكثر مما ينجزه معظم الأشخاص في أسبوع! هل نمط حياتنا الحديثة يشتّت التركيز؟ وكيف يمكن تجنب ذلك؟ اختلاف أنظمة النوم… هل هو ظاهرة اجتماعية؟ لِمَ لا ندع البومة وشأنها، ما الجديد حولها… وهي التي سبقتنا في الوجود على سطح البسيطة. ببساطة، لا تكمن المشكلة في البومة، فالبومة على ما يرام ما دمنا لا نحشر أنوفنا في أنظمتها، بل هي في أنظمتنا الحياتية كبشر، والتي استندت معظمها على نموذج الطائر المبكر، لقد جعل المجتمع من ذلك مشكلةً في العقود الأخيرة، إذ تشير الإحصائيات إلى أنّ يوم عمل الأمريكيين يتركز بين الساعة السادسة صباحًا والسادسة مساءً، ولدى سؤالهم عن تصنيفهم أنفسهم، سيجيب ثلثهم بأنَّهم كائناتليلية، ما يعني أنّهم سيكونون أعلى إنتاجيةً ليلًا من العمل بين الساعتين السابقتين. تُدعى هذه الظاهرة اختلاف التوقيت Jetlag، ويشبه ذلك اختلاف التوقيت الذي تشعر به بعد رحلةٍ جويةٍ لكنّه أسوأ، فهو لا يزول بعد عدّة أيام. يعني ذلك أنَّ معرفتك المكان الذي تقف فيه بالنسبة للنوم لن يحلّ المشكلة، أي أنّك لن تكون بمنأى عن اختلاف التوقيت، فلاختلاف التوقيت الاجتماعي آثاره على بومات الليل في العالم؛ لأنّه حتى لو حصلت على المقدار المناسب من النوم، فإنَّ عملَ ساعتك البيولوجية خارج السرب أمرٌ له عواقبه. فعلى سبيل المثال، لقد وجدت إحدى الدراسات أنَّ مقابل كلّ ساعة يخرج فيها إيقاع ساعتك البيولوجية عن السيطرة، تزداد مخاطر إصابتك بالبدانة بنسبة 33%، كما تزداد مخاطر تعقيدات صحية أُخرى ترافق البدانة، ولا تقف المشكلة عند حدودها الجسدية، ففي دراسةٍ أُخرى سُجِّلت أعراض اكتئاب حاد لدى الأشخاص الذين يسجلون فارقًا في إيقاع ساعتهم البيولوجية بمقدار ساعتين. ما هي الفئات العمرية التي يظهر لديها ذلك؟ بالطبع لن نلحظ ذلك عند الأطفالالذين يغطون في نومٍ عميق معظم وقتهم في عامهم الأول، وسيفرض عليهم النظام المدرسي لاحقًا نمطًا معينًا مألوفًا من النوم والاستيقاظ، ولن نلحظه كذلك عند من تقدم بهم العمر، والذين تقل ساعات نومهم كثيرًا. سيبدو ذلك جليًّا لدى المراهقين والشباب، فقد حذّر مركز السيطرة على الأوبئة الأمريكي CDC من الآثار الجسيمة المترتبة على ذلك، حيثُ تبدأ معظم المدارس الحكومية في أمريكا يومها في وقتٍ مبكرٍ جدًا قبل 8:30 صباحًا، ما يعني وفقًا للمؤسسة غير الحكومية “Rand Corporation” تكلفة للبلاد أكثر من 9 مليارات دولار سنويًا سببها التدريس الذي لا طائل منه، والحوادث المرورية التي يسببها مراهقون متعبون يقودون سياراتهم. ذو صلة لحسن الحظ، هذا الإيقاع ليس بالأمر الجامد، فقد تبيّن أنَّ الإشارات الضوئية يمكن أن تحفزه حين يضرب الضوء أعيننا. لذا، عليك عندما تستيقظ أن تأخذ حمامًا صباحيًّا قوامه أشعة شمس الصباح، وإن كان ذلك بعيد المنال، تأكّد من الإضاءة الجيدة لمنزلك فقد يضفي ذلك مزيدًا من البهجة على صباحك حتى وإن كنت من أولئك الذين يستيقظون ليلًا، ولا تجعل من ذلك مصدرًا لمزيدٍ من القلق حول إنتاجيتك، فمعظم عباقرة هذا العالم كائناتٌ ليلية يغريها الليل بهدوئه ويحفزها على الإبداع. #علاقة #أنظمة #النوم #بالإنتاجية #والنجاح
    WWW.ARAGEEK.COM
    علاقة أنظمة النوم بالإنتاجية والنجاح.. هل من مشكلة في كونك “بومة ليل”؟!
    يدورُ معظم ما نعتقده عن النوم في فلك العبارة الشهيرة “الطيرُ المبكر يلتقط الدودة أولًا”، بالطبع اعتدنا العبارة حتى غدت شبه قانون يعزز لدينا شعورًا بخطبٍ ما إن كنّا من المخالفين لذلك. إن تمعنا قليلًا في هذه المقولة ستراود ذهننا تساؤلاتٌ كثيرةٌ من قبيل: هل سينخفض إنتاجي إن لم أكن من هذه الطيور المبكرة؟ ماذا لو أنّني لا أستطيع التركيز سوى ليلًا؟ كيف تحيا كائنات كالخفافيش والبوم وهي التي (اعتادت) حياة الليل، وهنا أتحفظ بالكامل على ما بين قوسين؟ هل الليل للنوم فقط؟ ألم يُحي أولئك الشعراء والعلماء ليالٍ بطولها سحرتهم خلالها نجوم الليل، فتغنوا بها أو كانت هدفًا لدراساتهم، وغيرها الكثير. إيقاع الساعة البيولوجية انتقل بتساؤلك إلى مستوى آخر، أطرحه على الملأ، لمّح مجرد تلميح إلى أنّك كائنٌ ليلي. ستنهال عليك النصائح من كلِّ حدبٍ وصوبٍ، سيجمع الجميع على أنَّ الأمرَ برمته خطأٌ وهو خطؤك. سيسدي لك البعض نصائحًا من قبيل: اذهب إلى سريرك يوميًّا في الوقت ذاته، تجنّب الشاشات الرقمية مساءً، لا تجبر نفسك على الإغفاء، نعم الأمر بأكمله ملقى على عاتقك. ولكنّ الحقيقة هي أنَّ عدم قدرتك على النوم ليست بسببك دومًا، وأجرؤ على القول (غالبًا). تذكّر البومة التي نجحت عبر تاريخٍ طويل من وجودها على الأرض في البقاء، وحمت أعشاشها وصغارها من الدخلاء والمفترسين. خلاصة القول لقد نجحت كصنفٍ حيّ في البقاء، ولو كانت حياتها الليلية خطأً لأقصاها منطق الاصطفاء الطبيعي. إنّ للبومة الليلية ساعة داخلية تختلف تمامًا وظيفيًّا، ولإجبارها على الاستيقاظ المبكر آثارٌ خطيرة على حالتها الصحية. إنّنا إذ نقيّم جميع المخلوقات استنادًا إلى المقولة الشهيرة آنفة الذكر، كأننا نحكم على سمكةٍ في سباقٍ للجري أو الطيران. لإنهاء ذلك وللخروج من الإطار الذي أحاطتنا به هذه المقولة علينا أن ندرك أنَّ داخلَ كلّ كائنٍ حي ساعةٌ تحفظ نظامه وتُعرف بإيقاع الساعة البيولوجية Circadian Rhythm. وبالنسبة للبشر، تتوضع هذه الساعة في جزءٍ من دماغنا يُدعى الغدة النخامية Hypothalamus، وتُعرف بأنّها تنظم دورات نومنا، لكنّها تشتهر كذلك بمسؤوليتها عن مساعدة أعضاء الجسم الأساسية كالدماغ والقلب والرئتين للعمل بتناغم، ويختلف إيقاع الساعة البيولوجية من شخصٍ لآخر ومن نوع لآخر. فعلى سبيل المثال، تشعر البومة الليلية بالتعب في وقتٍ متأخر عن شعور نظيرتها الطيور التي تستيقظ باكرًا به، ويعود ذلك لإنتاجها كمياتٍ كبيرة من هرمون النوم، الميلاتونين، في وقتٍ متأخر من الليل. اقرأ أيضا: كيف تنجز في يوم واحد أكثر مما ينجزه معظم الأشخاص في أسبوع! هل نمط حياتنا الحديثة يشتّت التركيز؟ وكيف يمكن تجنب ذلك؟ اختلاف أنظمة النوم… هل هو ظاهرة اجتماعية؟ لِمَ لا ندع البومة وشأنها، ما الجديد حولها… وهي التي سبقتنا في الوجود على سطح البسيطة. ببساطة، لا تكمن المشكلة في البومة، فالبومة على ما يرام ما دمنا لا نحشر أنوفنا في أنظمتها، بل هي في أنظمتنا الحياتية كبشر، والتي استندت معظمها على نموذج الطائر المبكر، لقد جعل المجتمع من ذلك مشكلةً في العقود الأخيرة، إذ تشير الإحصائيات إلى أنّ يوم عمل الأمريكيين يتركز بين الساعة السادسة صباحًا والسادسة مساءً، ولدى سؤالهم عن تصنيفهم أنفسهم، سيجيب ثلثهم بأنَّهم كائنات (بومات) ليلية، ما يعني أنّهم سيكونون أعلى إنتاجيةً ليلًا من العمل بين الساعتين السابقتين. تُدعى هذه الظاهرة اختلاف التوقيت Jetlag، ويشبه ذلك اختلاف التوقيت الذي تشعر به بعد رحلةٍ جويةٍ لكنّه أسوأ، فهو لا يزول بعد عدّة أيام. يعني ذلك أنَّ معرفتك المكان الذي تقف فيه بالنسبة للنوم لن يحلّ المشكلة، أي أنّك لن تكون بمنأى عن اختلاف التوقيت، فلاختلاف التوقيت الاجتماعي آثاره على بومات الليل في العالم؛ لأنّه حتى لو حصلت على المقدار المناسب من النوم، فإنَّ عملَ ساعتك البيولوجية خارج السرب أمرٌ له عواقبه. فعلى سبيل المثال، لقد وجدت إحدى الدراسات أنَّ مقابل كلّ ساعة يخرج فيها إيقاع ساعتك البيولوجية عن السيطرة، تزداد مخاطر إصابتك بالبدانة بنسبة 33%، كما تزداد مخاطر تعقيدات صحية أُخرى ترافق البدانة، ولا تقف المشكلة عند حدودها الجسدية، ففي دراسةٍ أُخرى سُجِّلت أعراض اكتئاب حاد لدى الأشخاص الذين يسجلون فارقًا في إيقاع ساعتهم البيولوجية بمقدار ساعتين. ما هي الفئات العمرية التي يظهر لديها ذلك؟ بالطبع لن نلحظ ذلك عند الأطفال (الأصحاء) الذين يغطون في نومٍ عميق معظم وقتهم في عامهم الأول، وسيفرض عليهم النظام المدرسي لاحقًا نمطًا معينًا مألوفًا من النوم والاستيقاظ، ولن نلحظه كذلك عند من تقدم بهم العمر، والذين تقل ساعات نومهم كثيرًا. سيبدو ذلك جليًّا لدى المراهقين والشباب، فقد حذّر مركز السيطرة على الأوبئة الأمريكي CDC من الآثار الجسيمة المترتبة على ذلك، حيثُ تبدأ معظم المدارس الحكومية في أمريكا يومها في وقتٍ مبكرٍ جدًا قبل 8:30 صباحًا، ما يعني وفقًا للمؤسسة غير الحكومية “Rand Corporation” تكلفة للبلاد أكثر من 9 مليارات دولار سنويًا سببها التدريس الذي لا طائل منه، والحوادث المرورية التي يسببها مراهقون متعبون يقودون سياراتهم. ذو صلة لحسن الحظ، هذا الإيقاع ليس بالأمر الجامد، فقد تبيّن أنَّ الإشارات الضوئية يمكن أن تحفزه حين يضرب الضوء أعيننا. لذا، عليك عندما تستيقظ أن تأخذ حمامًا صباحيًّا قوامه أشعة شمس الصباح، وإن كان ذلك بعيد المنال، تأكّد من الإضاءة الجيدة لمنزلك فقد يضفي ذلك مزيدًا من البهجة على صباحك حتى وإن كنت من أولئك الذين يستيقظون ليلًا، ولا تجعل من ذلك مصدرًا لمزيدٍ من القلق حول إنتاجيتك، فمعظم عباقرة هذا العالم كائناتٌ ليلية يغريها الليل بهدوئه ويحفزها على الإبداع.
    31 Yorumlar 0 hisse senetleri
  • يومية الشعب الجزائرية -نظير جهودهم في تنظيم حفـل “عالم الجزائر” مؤسسة “وسام العالم الجزائـري” تكـرّم النوادي الـطلابـيـة-

    نظمت، أول أمس، “مؤسسة وسام العالم الجزائري” بالمتحف الوطني باردو، حفلا تكريميا للنوادي الطلابية والشباب المتطوعين في تنظيم تظاهرة “وسام العالم الجزائري” في طبعتها الخامسة عشر، المقامة في شهر ديسمبر الماضي، حيث جاءت المبادرة بمناسبة الاحتفال بيوم الطالب 19 ماي من كل سنة، وتزامنا مع شهر التراث.ارتأت مؤسسة “وسام العالِم الجزائري” أن تتوج جهود نحو 95 متطوعا ومتطوعة، من بينهم 15 ناديا طلابيا في تنظيم حفل تكريم عالم الجزائر 2024، عرفانا بما يتميزون به من سلوك حضاري، يهدف إلى بناء المجتمع ونشر التماسك والتضامن الاجتماعي بين أفراده وجماعاته ومؤسساته.وبالموازاة مع ذلك، تضمن برنامج الحفل، مداخلة علمية قدمها الأستاذ الدكتور محمد سحنوني، وزيارة معرض خاص بأهم إنجازاته رفقة فريقه البحثي، بحضور كل من الدكاترة أحمد موساوي وعبد الحميد خزار، وعادل بلوشراني، وأيضا زهير حريشان مدير متحف باردو وفايزة رياش..وذلك تحفيزا للشباب، وتكريما للعلم وبهدف إرساء أهداف “مؤسسة وسام العالم الجزائري” المؤسسة الثقافية العلمية الخيرية، التي تعنى بالعلماء والباحثين الجزائريين الذين شرفوا الجزائر بأبحاثهم واختراعاتهم في مختلف المجالات. وتأسيسا لذلك، قدم الدكتور محمد سحنوني محاضرة  تحت عنوان “أهمية التراث في ترسيخ الهوية الوطنية لدى الشباب من منظور أثري”، تطرق فيها إلى دور التراث الأثري الحيوي في تشكيل الهوية الوطنية وتعزيزها لدى الشباب، مؤكدا على أن التراث الثقافي وخاصة المواقع الأثرية الملموسة والقطع الأثرية، وما تشكله من رابط قوي بين الماضي والحاضر تعزز الشعور بالانتماء والاستمرارية، لا سيما من منظور علم الآثار، مما يساعد إشراك الشباب في التثقيف التراثي على فهم أصول وطنهم والافتخار بجذورهم الثقافية.كما سلط المحاضر الضوء على الحاجة إلى برامج تراثية شاملة ومتاحة للجميع، باستخدام المتاحف والمدارس الميدانية الأثرية لترسيخ الهوية الوطنية لدى الشباب الجزائري..وفي ذات الجانب، تناول سحنوني وبإسهاب الرمزية التراثية الوطنية بشقيها المادي واللامادي، واستعرض بعض الأبحاث والاكتشافات الجزائرية، مثل اكتشاف موقع عين بوشريط وتيغنيف وغيرها من العناصر التي حظيت بإشادة واستقطاب عالميين، نظرا لما تحمله من زاد معرفي دقيق، ولنتائجها التي غيرت النظرية الكولونيالية لبعض الشعوب المستعمرة التي تعمل جاهدة في نسب الاكتشافات الأثرية إليها، وعزلها عن جذورها الحقيقية، لا سيما في القارة الإفريقية..ودعا الدكتور، في ختام مداخلته، إلى ضرورة فتح المجال لتلاميذ الثانويات للمشاركة في الحفر، في إطار تعزيز البحث في التراث على جميع المستويات، إلى جانب دعم البرامج الأثرية التي تستهدف الشباب، وبالخصوص مبادرات الحفظ التي تقودها هذه الفئة.وفي سياق متصل، تم عرض شريط وثائقي حول مسيرة البروفسور محمد سحنوني، الذي استطاع قلب موازين المعرفة بتاريخ الإنسان وتاريخ الجزائر، حيث انتقل إلى خميس مليانة للدراسة، ليبدأ رحلته مع علم الآثار بجامعة الجزائر، وتخرج سنة1981 من معهد التاريخ، ليستفيد من منحة ويلتحق بجامعة “بيار ماري كوري” بفرنسا، لدراسة ما قبل التاريخ، وهناك بدأ التخصص في الصناعة الحجرية في منطقة عين الحنش بسطيف، ولدى عودته أصبح أستاذا بمعهد الآثار أين بدأ التعمق في بحوثه، ثم التحق بجامعة “إنديانا” بالولايات المتحدة الأمريكية للدراسة بقسم الأنثروبولوجيا، وهناك أنجز الكثير من البحوث وأصبح مشرفا أيضا على الأبحاث، ليصبح أستاذا بجامعة “روفيرا فرجيني”.سحنوني اختار العودة إلى جامعته الأصلية “إنديانا” كباحث مشرف، وأصبح له حضور وسلطة علمية تجلت في تعاونه المثمر مع مركز ما قبل التاريخ، أين حقق التميز من خلال  تغيير النظريات الفرنسية لما قبل التاريخ، ودون أول كتاب له بعنوان “ما قبل التاريخ”، ليبرهن على أصالة الجزائر بكونها الموطن الثاني للإنسان في هذا الكأمينة جابالله
    #يومية #الشعب #الجزائرية #نظير #جهودهم
    يومية الشعب الجزائرية -نظير جهودهم في تنظيم حفـل “عالم الجزائر” مؤسسة “وسام العالم الجزائـري” تكـرّم النوادي الـطلابـيـة-
    نظمت، أول أمس، “مؤسسة وسام العالم الجزائري” بالمتحف الوطني باردو، حفلا تكريميا للنوادي الطلابية والشباب المتطوعين في تنظيم تظاهرة “وسام العالم الجزائري” في طبعتها الخامسة عشر، المقامة في شهر ديسمبر الماضي، حيث جاءت المبادرة بمناسبة الاحتفال بيوم الطالب 19 ماي من كل سنة، وتزامنا مع شهر التراث.ارتأت مؤسسة “وسام العالِم الجزائري” أن تتوج جهود نحو 95 متطوعا ومتطوعة، من بينهم 15 ناديا طلابيا في تنظيم حفل تكريم عالم الجزائر 2024، عرفانا بما يتميزون به من سلوك حضاري، يهدف إلى بناء المجتمع ونشر التماسك والتضامن الاجتماعي بين أفراده وجماعاته ومؤسساته.وبالموازاة مع ذلك، تضمن برنامج الحفل، مداخلة علمية قدمها الأستاذ الدكتور محمد سحنوني، وزيارة معرض خاص بأهم إنجازاته رفقة فريقه البحثي، بحضور كل من الدكاترة أحمد موساوي وعبد الحميد خزار، وعادل بلوشراني، وأيضا زهير حريشان مدير متحف باردو وفايزة رياش..وذلك تحفيزا للشباب، وتكريما للعلم وبهدف إرساء أهداف “مؤسسة وسام العالم الجزائري” المؤسسة الثقافية العلمية الخيرية، التي تعنى بالعلماء والباحثين الجزائريين الذين شرفوا الجزائر بأبحاثهم واختراعاتهم في مختلف المجالات. وتأسيسا لذلك، قدم الدكتور محمد سحنوني محاضرة  تحت عنوان “أهمية التراث في ترسيخ الهوية الوطنية لدى الشباب من منظور أثري”، تطرق فيها إلى دور التراث الأثري الحيوي في تشكيل الهوية الوطنية وتعزيزها لدى الشباب، مؤكدا على أن التراث الثقافي وخاصة المواقع الأثرية الملموسة والقطع الأثرية، وما تشكله من رابط قوي بين الماضي والحاضر تعزز الشعور بالانتماء والاستمرارية، لا سيما من منظور علم الآثار، مما يساعد إشراك الشباب في التثقيف التراثي على فهم أصول وطنهم والافتخار بجذورهم الثقافية.كما سلط المحاضر الضوء على الحاجة إلى برامج تراثية شاملة ومتاحة للجميع، باستخدام المتاحف والمدارس الميدانية الأثرية لترسيخ الهوية الوطنية لدى الشباب الجزائري..وفي ذات الجانب، تناول سحنوني وبإسهاب الرمزية التراثية الوطنية بشقيها المادي واللامادي، واستعرض بعض الأبحاث والاكتشافات الجزائرية، مثل اكتشاف موقع عين بوشريط وتيغنيف وغيرها من العناصر التي حظيت بإشادة واستقطاب عالميين، نظرا لما تحمله من زاد معرفي دقيق، ولنتائجها التي غيرت النظرية الكولونيالية لبعض الشعوب المستعمرة التي تعمل جاهدة في نسب الاكتشافات الأثرية إليها، وعزلها عن جذورها الحقيقية، لا سيما في القارة الإفريقية..ودعا الدكتور، في ختام مداخلته، إلى ضرورة فتح المجال لتلاميذ الثانويات للمشاركة في الحفر، في إطار تعزيز البحث في التراث على جميع المستويات، إلى جانب دعم البرامج الأثرية التي تستهدف الشباب، وبالخصوص مبادرات الحفظ التي تقودها هذه الفئة.وفي سياق متصل، تم عرض شريط وثائقي حول مسيرة البروفسور محمد سحنوني، الذي استطاع قلب موازين المعرفة بتاريخ الإنسان وتاريخ الجزائر، حيث انتقل إلى خميس مليانة للدراسة، ليبدأ رحلته مع علم الآثار بجامعة الجزائر، وتخرج سنة1981 من معهد التاريخ، ليستفيد من منحة ويلتحق بجامعة “بيار ماري كوري” بفرنسا، لدراسة ما قبل التاريخ، وهناك بدأ التخصص في الصناعة الحجرية في منطقة عين الحنش بسطيف، ولدى عودته أصبح أستاذا بمعهد الآثار أين بدأ التعمق في بحوثه، ثم التحق بجامعة “إنديانا” بالولايات المتحدة الأمريكية للدراسة بقسم الأنثروبولوجيا، وهناك أنجز الكثير من البحوث وأصبح مشرفا أيضا على الأبحاث، ليصبح أستاذا بجامعة “روفيرا فرجيني”.سحنوني اختار العودة إلى جامعته الأصلية “إنديانا” كباحث مشرف، وأصبح له حضور وسلطة علمية تجلت في تعاونه المثمر مع مركز ما قبل التاريخ، أين حقق التميز من خلال  تغيير النظريات الفرنسية لما قبل التاريخ، ودون أول كتاب له بعنوان “ما قبل التاريخ”، ليبرهن على أصالة الجزائر بكونها الموطن الثاني للإنسان في هذا الكأمينة جابالله #يومية #الشعب #الجزائرية #نظير #جهودهم
    WWW.ALGERIANSCHOLARAWARD.ORG
    يومية الشعب الجزائرية -نظير جهودهم في تنظيم حفـل “عالم الجزائر” مؤسسة “وسام العالم الجزائـري” تكـرّم النوادي الـطلابـيـة-
    نظمت، أول أمس، “مؤسسة وسام العالم الجزائري” بالمتحف الوطني باردو، حفلا تكريميا للنوادي الطلابية والشباب المتطوعين في تنظيم تظاهرة “وسام العالم الجزائري” في طبعتها الخامسة عشر، المقامة في شهر ديسمبر الماضي، حيث جاءت المبادرة بمناسبة الاحتفال بيوم الطالب 19 ماي من كل سنة، وتزامنا مع شهر التراث.ارتأت مؤسسة “وسام العالِم الجزائري” أن تتوج جهود نحو 95 متطوعا ومتطوعة، من بينهم 15 ناديا طلابيا في تنظيم حفل تكريم عالم الجزائر 2024، عرفانا بما يتميزون به من سلوك حضاري، يهدف إلى بناء المجتمع ونشر التماسك والتضامن الاجتماعي بين أفراده وجماعاته ومؤسساته.وبالموازاة مع ذلك، تضمن برنامج الحفل، مداخلة علمية قدمها الأستاذ الدكتور محمد سحنوني، وزيارة معرض خاص بأهم إنجازاته رفقة فريقه البحثي، بحضور كل من الدكاترة أحمد موساوي وعبد الحميد خزار، وعادل بلوشراني، وأيضا زهير حريشان مدير متحف باردو وفايزة رياش..وذلك تحفيزا للشباب، وتكريما للعلم وبهدف إرساء أهداف “مؤسسة وسام العالم الجزائري” المؤسسة الثقافية العلمية الخيرية، التي تعنى بالعلماء والباحثين الجزائريين الذين شرفوا الجزائر بأبحاثهم واختراعاتهم في مختلف المجالات. وتأسيسا لذلك، قدم الدكتور محمد سحنوني محاضرة  تحت عنوان “أهمية التراث في ترسيخ الهوية الوطنية لدى الشباب من منظور أثري”، تطرق فيها إلى دور التراث الأثري الحيوي في تشكيل الهوية الوطنية وتعزيزها لدى الشباب، مؤكدا على أن التراث الثقافي وخاصة المواقع الأثرية الملموسة والقطع الأثرية، وما تشكله من رابط قوي بين الماضي والحاضر تعزز الشعور بالانتماء والاستمرارية، لا سيما من منظور علم الآثار، مما يساعد إشراك الشباب في التثقيف التراثي على فهم أصول وطنهم والافتخار بجذورهم الثقافية.كما سلط المحاضر الضوء على الحاجة إلى برامج تراثية شاملة ومتاحة للجميع، باستخدام المتاحف والمدارس الميدانية الأثرية لترسيخ الهوية الوطنية لدى الشباب الجزائري..وفي ذات الجانب، تناول سحنوني وبإسهاب الرمزية التراثية الوطنية بشقيها المادي واللامادي، واستعرض بعض الأبحاث والاكتشافات الجزائرية، مثل اكتشاف موقع عين بوشريط وتيغنيف وغيرها من العناصر التي حظيت بإشادة واستقطاب عالميين، نظرا لما تحمله من زاد معرفي دقيق، ولنتائجها التي غيرت النظرية الكولونيالية لبعض الشعوب المستعمرة التي تعمل جاهدة في نسب الاكتشافات الأثرية إليها، وعزلها عن جذورها الحقيقية، لا سيما في القارة الإفريقية..ودعا الدكتور، في ختام مداخلته، إلى ضرورة فتح المجال لتلاميذ الثانويات للمشاركة في الحفر، في إطار تعزيز البحث في التراث على جميع المستويات، إلى جانب دعم البرامج الأثرية التي تستهدف الشباب، وبالخصوص مبادرات الحفظ التي تقودها هذه الفئة.وفي سياق متصل، تم عرض شريط وثائقي حول مسيرة البروفسور محمد سحنوني (مواليد 1956 بثنية الحد تيسمسيلت)، الذي استطاع قلب موازين المعرفة بتاريخ الإنسان وتاريخ الجزائر، حيث انتقل إلى خميس مليانة للدراسة، ليبدأ رحلته مع علم الآثار بجامعة الجزائر، وتخرج سنة1981 من معهد التاريخ، ليستفيد من منحة ويلتحق بجامعة “بيار ماري كوري” بفرنسا، لدراسة ما قبل التاريخ، وهناك بدأ التخصص في الصناعة الحجرية في منطقة عين الحنش بسطيف، ولدى عودته أصبح أستاذا بمعهد الآثار أين بدأ التعمق في بحوثه، ثم التحق بجامعة “إنديانا” بالولايات المتحدة الأمريكية للدراسة بقسم الأنثروبولوجيا، وهناك أنجز الكثير من البحوث وأصبح مشرفا أيضا على الأبحاث، ليصبح أستاذا بجامعة “روفيرا فرجيني”.سحنوني اختار العودة إلى جامعته الأصلية “إنديانا” كباحث مشرف، وأصبح له حضور وسلطة علمية تجلت في تعاونه المثمر مع مركز ما قبل التاريخ، أين حقق التميز من خلال  تغيير النظريات الفرنسية لما قبل التاريخ، ودون أول كتاب له بعنوان “ما قبل التاريخ”، ليبرهن على أصالة الجزائر بكونها الموطن الثاني للإنسان في هذا الكأمينة جابالله
    0 Yorumlar 0 hisse senetleri